يُعدّ الاقتصادي أحد أهم الفاعلين في بناء المجتمعات الحديثة وتوجيهها نحو قرارات أكثر وعيًا وفعالية. فعمله لا يقتصر على تحليل البيانات أو رسم السياسات، بل يتعدّى ذلك ليصبح مساهمًا في تشكيل وعي الجمهور حول قضايا حياتية يومية، مثل التضخم، الفقر، البطالة، والعدالة الاجتماعية. في زمن تتسارع فيه الأزمات المالية، يصبح الاقتصادي صوتًا معرفيًا ضروريًا لفهم الواقع المعقد، واتخاذ قرارات مدروسة على مستوى الأفراد والدولة على حد سواء.
من هو الاقتصادي؟
الاقتصادي هو الباحث أو الخبير الذي يدرس كيفية تخصيص الموارد واستخدامها لإنتاج وتوزيع السلع والخدمات. لكنه ليس مجرد محلل أرقام، بل هو مفسّر للواقع وموجه للرأي العام، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسات المالية والقرارات التي تمس حياة الناس بشكل مباشر، كرفع الدعم أو فرض ضرائب جديدة.
دور الاقتصادي في التوعية العامة
- تبسيط المفاهيم الاقتصادية للناس
يساعد الاقتصاديون، من خلال المقالات واللقاءات الإعلامية والمداخلات العامة، في تفسير ما يحدث في الأسواق بلغة بسيطة، مما يُعين المواطن العادي على فهم أسباب غلاء المعيشة أو تغيّر سعر الصرف، بدلًا من أن يبقى ضحية للشائعات والتفسيرات الخاطئة. - التحذير من الأزمات وتقديم البدائل
عندما يكون هناك خطر اقتصادي قادم – كسقوط قيمة العملة أو أزمة ديون – فإن تحذيرات الاقتصاديين قد تُجنّب المجتمع أزمات أعمق، إذا تم الاستماع إليهم وتفعيل دورهم في صنع القرار. - دفع المجتمع نحو التفكير النقدي
عبر تحليل السياسات الحكومية وانتقادها أو دعمها بالدلائل، يُسهم الاقتصادي في خلق ثقافة محاسبة وشفافية، تتيح للمواطن فهم العلاقة بين السياسة والاقتصاد وتأثيرها على معيشته. - تشجيع المشاريع والتنمية المحلية
يساهم الاقتصاديون في توعية الشباب بأهمية ريادة الأعمال، وكيفية استثمار الموارد المتاحة بشكل ذكي، مما يعزز ثقافة الإنتاج بدلًا من الاتكال على الوظائف الحكومية فقط. - نشر ثقافة الادخار والاستثمار
من خلال المشاركة في الندوات والمؤسسات التعليمية، يرفع الاقتصادي وعي الناس بكيفية إدارة أموالهم، وحماية أنفسهم من الأزمات، والاستثمار بطريقة ذكية ومبنية على وعي مالي.
الإعلام والاقتصادي: شراكة ضرورية
لكي يصل صوت الاقتصادي إلى المجتمع، لا بد من توفر منابر إعلامية منفتحة وواعية، تتيح له المجال للشرح والتوضيح، بعيدًا عن تسييس الآراء أو تقييد التحليلات. كما ينبغي على الاقتصاديين أن يتقنوا فن التواصل مع الجمهور، وأن يحرصوا على تبسيط مصطلحاتهم دون التضحية بالدقة.
التحديات أمام الاقتصادي في سوريا والعالم العربي
- ضعف الثقافة الاقتصادية العامة لدى المواطنين.
- غياب الشفافية في البيانات الاقتصادية الرسمية.
- تهميش صوت الاقتصادي في صنع القرار السياسي.
- انتشار الخطاب الشعبوي الذي يخلط بين الحقيقة والوهم.
خاتمة
في وقت أصبح فيه الاقتصاد يمسّ تفاصيل الحياة اليومية من سعر الخبز إلى مستقبل التعليم، بات من الضروري الاعتراف بدور الاقتصادي كمثقف عام، لا فقط كخبير تقني. فمجتمع يفهم اقتصاده، هو مجتمع أقرب إلى العدالة وأقدر على التغيير. من هنا، يجب دعم حضور الاقتصاديين في الفضاء العام، والاستماع إليهم بوصفهم عيونًا تقرأ الواقع بعين المعرفة، وعقولًا تسعى إلى مستقبل أفضل.